روابي البناي
سالفتي اليوم لا تصلح للمتعصبين ولا الطائفيين ولا الأنانيين ولا العنصريين ولا من يطبقون مقولة «أنا ومن بعدي الطوفان»، ولا تصلح ايضا لمن اعطوا انفسهم حق براءة التكفير التي يخرجونها متى ما شاءوا، فمن يجد نفسه في هذه الصفات انصحه بتخطي هذه الصفحة.
من يشاهد الوضع الحالي للكويت يدرك أنها في حالة احتضار شديد من جراء جرعة السم الذي تفشى بجسدها واخذ ينخره، بسبب حاجته الماسة الى تطبيق القانون، وتنظيفه من كل مظاهر الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالكويت التي كانت عروسا وأضحت أرملة بأفعالنا واختياراتنا الخاطئة، كانت تطمح الى ان تبقى دانة الخليج ووطن الحب، لكن كيف يتحقق هذا بوجود هذا الكم الهائل من اعداء الحب والسلام؟
قد يقول البعض انني ابالغ بوصف الوضع الكويتي بوصوله الى درجة الانتحار، لكني اؤكد ان الكويت تنتحر فعلا، وان لم نتكاتف ونتعاضد سوف تضيع الكويت ونضيع نحن من ورائها، فالناظر الى الوضع الكويتي من الخارج يدرك ان الكويت «راحت فشقي»، وانا اقول انها راحت «فشقي وجفي» بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشهدها.
فاسمحوا لي اليوم ان افتح قلبي واتكلم بصراحة، لأني اشعر بغصة وحسرة على وطني.
الوضع الاجتماعي
حسد، غيرة، نميمة، حقد، اشاعات، كل واحد يالله نفسي، طائفية مستنكرة، انحدار في مستوى الحديث والأخلاق، عدم تحمل مسؤولية، تفكك اسري، طغيان المادة، تفرقة بين افراد المجتمع الكويتي، عبث بالنسيج الوطني، وغيرها من الأمور التي اخجل من ذكرها لكونها تصف مجتمع وطني الكويت.
لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة؟ ومنذ متى يحمل الشعب الكويتي صفة من هذه الصفات؟ وما الأسباب التي ادت الى وصولنا إلى هذه المرحلة؟ هل هو الإعلام الخاص وتسيب الحكومة بمراقبته؟ هل هي قنوات التواصل الاجتماعي التي نسيء للأسف استخدامها؟ هل هي اجندات خارجية هدفها ضرب النسيج الوطني الكويتي لكي تصل الى مبتغاها؟ ام ماذا؟
افيدوني يا شعب الكويت، افيدوني يا أهل الكويت، اين كويتيو 2/8/90؟ اين تكاتف الشيعي والسني؟ أين وحدة كلمتكم وموقفكم؟ اين خوفكم على وطنكم؟ اين خوفكم بعضكم على بعض؟ منذ متى يشكك الكويتي بذمة أخيه الكويتي؟ ومنذ متى يرضى على نفسه أن يتلفظ على اخيه وينعته بأبشع الصفات؟ منذ متى ينتهج الكويتي منهج الصراخ والعويل والشتم والتشكيك بالناس والعباد لمجرد معلومة تحتمل الصواب او الخطأ؟ منذ متى لا يمد يده ويصافح اخاه الكويتي؟ ومنذ متى يخرج الكويتي على الملأ ويهدد ويتوعد؟
هذه ليست من شيم أهل الكويت ولا من صفاتهم ولا من عاداتهم، فماذا حصل لكم يا أهل بلدي؟
الوضع السياسي
حكومة غرقانة بشبر ماء، مجلس كيفك كيف حالك، صراعات، تعديات، ترضيات، سوء إدارة، خصومات، اجندات سياسية، ضرب من تحت الحزام، كلام بذيء، تعطيل لمصالح البلاد، فساد اداري، شخصانية بين السلطة التشريعية والتنفيذية، صراع مرير بين اقطاب الأسرة الحاكمة، ضعف في المراقبة والمحاسبة.. هذه بعض الأوصاف التي تحضرني حاليا لوصف الوضع السياسي في الكويت، والسؤال هو: الى متى؟ ولمصلحة من؟ وكيف وصلنا الى هذه المرحلة؟
فأين أنتم يا نواب العازه من تحقيق متطلبات الشعب الكويتي الذي علق اماله واحلامه بأرقابكم؟ أين أنتم يانواب العازه من تسجيل شيء مشرف في سجلكم وتاريخكم السياسي؟ ماذا قدمتم للكويت وأهلها؟ أين أنتم من المشاريع الاسكانية للكويتيين؟ أين أنتم من وضع خطط لتنويع مصادر الدخل الكويتي؟ أين انتم من مراقبة الخطة الحكومية في التغلب على الازدحام المروري الذي اصبح سمة للعاصمة الكويتية؟ أين انتم من معضلة التعليم بالكويت؟ أين أنتم من قضايا المرأة الكويتية ؟ أين أنتم من قضايا الطفل الكويتي؟ أين أنتم من كل هذا؟ أم أن هذه القضايا لا تهمكم لكونها لا «توكل عيش» ولا تستدعي اعتصامات وإضرابات وخروجا الى الشارع؟
وأين أنتم يا وزراء من تفعيل خطة التنمية والنهوض بالكويت الى مصاف البلدان المتقدمة؟ وأين أنتم من تطوير الجهات الحكومية والقضاء على البيروقراطية المتفشية في الدوائر الحكومية؟ واين انتم من تعديل شامل وجذري للوضع الصحي والتعليمي والثقافي للكويت ،أم ان كل واحد منكم لاهث وراء مصالحه الشخصية والكويت وأهلها آخر اهتماماتكم.
الوضع الاقتصادي
تنمية اقتصادية ضائعة بين الحلم وواقع من عليه مراقبة تنفيذ هذا الحلم رغم رصد جميع الميزانيات بموافقة مجلسنا الموقر، بورصة تستغيث، إعمار متوقف، سوء إدارة، هدر بالميزانيات ما ادى الى شلل اقتصادي للبنوك والشركات الكبرى الكويتية.. فنحن يا من نطالب بالزيادات والكوادر والبونصات، ماذا سيكون الوضع لو حدثت ازمة عالمية تؤدي الى هبوط سعر برميل النفط؟ ماذا سيحدث لأجيالنا القادمة، وبند الرواتب والزيادات والكوادر يلتهم ثلاثة ارباع ميزانية الكويت؟ ماذا سيحدث في الكويت يا أهل الكويت؟
لا يوجد عندي ما اقوله او اضيفه غير جملة واحدة هي «خافوا الله بالكويت»، وتذكروا وصية صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وهو يوصيكم بالكويت ويحذركم من وجود من يتربص بها، فهل ستتعظون يا أهل الكويت؟ وهل ستنقشع الغمامة التي على أعينكم؟
نحن بنعمة وخير ولله الحمد نحسد ونبغض عليها، فالجميع يعيش بمستوى فوق المتوسط، الكل يمتلك أحدث السيارات الفارهة، والكل يلبس الماركات، والكل يجلس في أفخم المطاعم والكافيهات، والكل بامكانه ان يسافر في نهاية الأسبوع، فماذا تريدون يا شعب الكويت؟
أي بلد يصرف على مواطنه وهو في رحم أمه وحتى مثواه الأخير؟ وأي بلد يصرف على مواطنه وهو يسكن في بيت ذويه؟ وأي بلد لديه حكام مثل آل صباح؟ وأي بلد نخرج فيه ونقول كل ما في قلبنا ونرجع بيتنا ولا احد يجرؤ ان يمس لنا طرفا؟
كل هذا ومازلنا نحتج ونشكو ولا يعجبنا العجب.. صدقوني يا أهل الكويت خافوا الله بالكويت ترا والله النعمة زوالة.
أنا على يقين أنكم تعشقون بلدكم الكويت، وتخافون عليه، ولا ترضون أن يمسه أي ضرر، لكن اتمنى ان نقوم جميعا بترجمة هذا الحب والخوف بأن نتكاتف ونتعاضد كما كنا سابقا، بأن نبتعد عن البغض والحسد, وأن نحترم ولاة امرنا حتى لو اختلفنا معهم بالرأي ولكن الاحترام مطلوب، وهذه شيمكم يا أهل الكويت.
آخر الكلام
ابارك لكم قدوم عيد الأضحى المبارك اعاده الله عليكم وعلى كل من يعز عليكم بالخير واليمن والبركات، وأبارك لقرائنا الحجاج، وأدعو بأن يتقبل الله العلي القدير حجهم ودعاءهم ويرجعوا إلينا سالمين غانمين وما ينسونا من دعائهم. اعتذر عن لقائكم بالفترة القادمة بسبب اجازة العيد وكل عام وانتم بألف خير.